أطفال مضايا(أرشيف)
أطفال مضايا(أرشيف)
الخميس 7 يناير 2016 / 22:44

مضايا.. صورة حزب أسود

صور المدنيين المحاصرين في مضايا السورية، ليست جديدة. منذ زمن، المرادف الأوّل لكل ما له علاقة بالنظام السوري هو اللاإنسانية. حصار المدن، تجويع السكان، فعل اعتاد عليه هذا النظام القمعي، ولعل الابتكار الجديد في الأسلوب تبعاً لاستراتيجية الحرب الإيرانية على السوريين، هو حزب الله. "المقاومون" يبتكرون في فنون قتل الناس بأقل تكلفة ممكنة.

قبل فترة، فعل النظام السوري بإشراف إيراني عبر الذراع اللبنانية الأمر نفسه مع مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين. المفارقة، أن منفذي الحصار على المخيم بتهمة وجود عناصر إرهابية، عادوا وأبرموا اتفاقاً مع المسلحين، لخروجهم من المنطقة، تجاه الرقة معقل التنظيم الإرهابي داعش مع العلم أن عناصر داعش لا يشكلون إلا نسبة ضئيلة من المسلحين الذين غالبيتهم معارضون للنظام ولداعش في آن. مفارقة تؤكد أن حسابات المقاومة لا تعدو كونها تأمين المناطق المحاذية لدمشق، والتي ستكون لاحقاً خالية من كل نسيج مغاير أو مخالف للإرادة الإيرانية في سوريا.

مضايا، أطفالها ونساؤها وشيوخها، صورة عن "المقاومة الإيرانية" وما تفعله وستفعله في المقبل من الأيام بحق كل من يعارض مخططها الاستعماري الذي تُنفذه أيدٍ كانت عربية، من حزب إلهي أو نظام حاكم بالحديد والنار تحت ستار الممانعة والتصدي للعدو الإسرائيلي الذي يسرح ويمرح في أرجاء سوريا باتفاق مع حليف إيران والأسد، فلاديمير بوتين.

طريق القدس، بدأت من حمص، من بابا عمرو، وأكملت إلى القصير، ثم عبرت على الزبداني ومضايا واليرموك ووحلب وريفها وغيرها من مناطق بعيدة كل البعد عن فلسطين. حتى "شهيدهم"، "الأسير المحرر" مات وهو في سوريا يساعد في التجويع والتركيع. الانتقام له، بعبوة خجولة ضد آلية إسرائيلية. الانتقام الحقيقي له، هو في ما يفعله "المقاومون" في أرجاء سوريا من قتل منظم، يريدون منه تثبيت الاحتلال الفارسي للبلد التي يعبث بها الجميع.

يخرج الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله مهدداً بين الحين والآخر. يرمي كل ما لديه ويعبر على فلسطين كي يلصق باسمها أفعاله. وهو، بكل ما فعله، لم يأخذ الفلسطيني منه شيئاً. بل، جلّ ما كان لهم صرفته إيران في سنوات خروجها من العقوبات. كلّلت جهود نصرالله في التضحية بالناس في سبيل اتفاق نووي مع الشيطان الأكبر، سيضمن لها لاحقاً المزيد من القدرة على الاحتلال وزعزعة الأمن، والقتل من أجل مشروع طائفي، كملاليها.

مضايا ليست المحطة الحاسمة، أو الفاصلة للتأكيد على مشروع حزب الله الإيراني. قبل فترة كانت فلسطين متشحة بالعلم الإيراني خلف نصرالله. قبلها، كل ما فعله الحزب هو لتأكيد انتمائه الكامل لولاية الفقيه. لذلك، مضايا اليوم مختلفة بشيء واحد: أسلوب القتل. تكتيك جديد لميليشيا اعتادت على هذا الفعل. تكتيك، يقضي على 23 ألف مدني من أجل التخلص من 600 مسلّح. هكذا قال حزب الله في بيانه مواربة.

الحرب الأهلية التي تفنن حزب الله في سوريا بتثبيتها وتمددها بعد أن عجز عن هذا الأمر بشار الأسد، هي الصورة التي يتركها هذا الحزب في كل بيت شاميّ. التعذيب والقتل والتجويع والمجازر والحصار وكل الأساليب العنفية، ستبقى في ذاكرة السوريين إلى حين يعودون بها للانتقام من الحزب، ومما يمثله هذا الحزب. يفتح أصحاب "النصر الإلهي" أبواب الجحيم على أنفسهم قبل أي شيء آخر. هم يعتقدون أنهم الغالبون دائماً. غداً، الغالبون ليست سوى كلمة على علم لن يبقى كثيراً ليشهد على حالك الأيام الآتية، لأصحابه، وللبنانيين من بعده.

مضايا محطة، في كارثة آتية، لم تبدأ بعد. كل الصور القاتمة اليوم، ليست سوى تجربة باهتة ومملّة، لما سيكون عليه واقع الحال، بفضل "رجال الله" في ميدان القتل السوري، تحت راية إيرانية. غداً، يأتي اليوم الذي يجني فيه حزب الله على الشيعة واللبنانيين، ما زرعته أيديه طوال سنوات في سوريا تحديداً. كل باقي أفعاله ليست سوى تفاصيل. مشاهد الأطفال في مضايا ستحاصره من الآن، إلى أن تأتي ساعة قصاص، ينقلب فيها السحر والساحر إلى أسود قاتم. حينها، ليس هناك من لعبة شريفة، كلها ستكون كألعاب الحزب اليوم، سوداء.