الإثنين 5 أكتوبر 2015 / 19:16

رسالة محمد بن زايد إلى المعلمين: قوة العقل وصلابة الفكر

تخوض دولة الإمارات العربية المتحدة غمار مهمتين كبيرتين تتصلان ببعضهما ولا تتفرقان، تكملان بعضها بعضاً وتلتقيان في أبهى النتائج، وتنسجمان أكثر مما تتنافران؛ مهمتان جليلتان، تتطلبان شجاعة وتضحية من جهة، وتستلزمان رأياً وعقلاً من جهة أخرى؛ مهمتان بل تحديان، لا يمكن أن تتحقق أهدافهما دون امتزاج عضوي، واعتقاد خلاق بأن الحرب ضد الإرهاب، ليست حربا أمنية وعسكرية فحسب، لكنها بالقدر نفسه من الأهمية حرب من أجل العقول والقلوب والبصر والبصيرة.

مهمتان تمضيان جنباً إلى جنب، لا تتقدم إحداهما على الأخرى ولا تتأخر، وكلاهما يقودان إلى جسد المقبل على النور والحياة، المشرق بعقله وروحه، مهمتان يتعانق بهما الميدانان: ميدان التعليم وميدان القتال؛ وتلتحم فيهما ساحتان: ساحة الحرب وساحة التعليم، ويصبحان كالبنيان المرصوص، تصان فيه الأجساد وتتطهّر لديه وفيه الأرواح.

إنهما مهمتان متلازمتان ببعضهما بعضا في رسالة بعثها، ولأول مرة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس أبوظبي للتعليم، إلى المعلم في يومه العالمي، والمعلم أهل لحمل أمانة الرسالة هذه وأهل في الوقت نفسه أن يكون مثابراً في فهمها، وحري به أن يتلقاها في استجابة فاعلة، كما هو دوماً، في تحمّل المسؤولية التعليمية الجسيمة في مواجهة كافة التحديات الفكرية والمعرفية والسياسية والاجتماعية. مهمّة محورية لا تقل أبدا، كما أشار الشيخ محمد بن زايد، عن مهمّة الجندي الذي يدافع عن الوطن ومكتسباته في ميادين العزة والشرف.

تتلازم المهمتان ببعضهما بعضاً في رسالة الشيخ محمد بن زايد إلى المعلم، ليصبح الجندي الباسل نتاج معرفة القوة وهو في ميادين القتال، ويصبح المعلم بذلك متسلحاً بالقوة المعرفية وهو في ميادين العلم والتعليم التي من شأنها أن تنقل المجتمع من ثقافة الاستهلاك إلى ثقافة الإنتاج والإبداع والابتكار، وهذا يتطلب منه، أن يكون مخلصاً أميناً على أجيال المستقبل حتى تواصل البناء والتنمية وتحمي مكتسبات الوطن ومنجزاته.

يتكرر في مثل هذا اليوم من كل سنة يوم عالمي للمعلم، ليحتفي به، ويكرمه، فهو مفتاح المستقبل ونبعه المتدفق الذي يوصل إليه، لكن هذا اليوم هنا في الإمارات، لم يكن يوما مكرراً، إذ اكتسب المزيد من الزخم والقوة والأهمية، عبر رسالة محمد بن زايد التي جددت الانتباه إلى محورية التعليم وقيمة العلم في مسيرة دولتنا، ولعلها هي نفسها القيمة والمكانة التي جعلت دولة الإمارات تحقق هذه النجاحات في ميادين القتال. فالقوة هي قوة العقل، والصلابة هي صلابة الفكر، وهذا هو المغزى الحقيقي لرسالة صاحب السمو في هذه المناسبة المهمة.